هـدفـنـا

الإختلاف نضج في الوعي : فهل من مجيب ؟

لا أحد سيجادل إذا قلنا بأننا نعيش في وسط فيه من الإحباطات و الإكراهات ما قد يعجز الواحد منا على تجاوزه بمفرده ، دون إمتلاكه لرؤية واضحة تحدد المواقع الثابة من تلك المتحركة حتى يستطيع وضع أقدامه على أرضية صلبة ليتجنب العثرات و السقوط ، إذ أن ضبابية الرؤية ، و إصابتنا بداء فقدان الثقة في الذات ، نتيجة إهتزاز محور إرتكازنا ، و بالتالي إنفلاتنا و تسيبنا خارج الإطار المرجعي ، تولدت عنه هذه الإحباطات من يأس و إحساس بالضياع و غربة عن الذات ، و كذا هذه الإكراهات من إقصاء وحصار لأبسط ما يملكه الإنسان ، ألا وهو التعبير عن فكره بكل حرية و طلاقة دون أن يخاف من سلطة الجلاد !!؟
وكذلك من المتفق عليه ، أيضا ،أنه لن نجد دائما من يوافقنا ، بل أبدا هناك من يخالفنا ، وهذه الحقيقة ، رغم كونها لازمة ، فإننا غالبا ما نغفلها أو نتعمد تجنبها و عدم أخذها بعين الإعتبار في تعاملنا اليومي، و كذا أثناء نقاشاتنا و عرض بضاعتنا الفكرية ،إذ نحاول دائما التنصل منها و إقصاء الطرف المخالف لنا ، و السعي إلى فرض الوصاية عليه و حصاره ، فحين أن إختلاف المبادئ و التوجهات ظاهرة صحية ، تنم عن نضج فالوعي و الإدراك ، إذا عرف كيف يسير هذا الإختلاف و يوظف في إشاعة جو من الحوار و التعايش ؛ بل و قد ينقلب الى حالة مرضية يعيق فتح آفاق الوعي و إدراك السنن و القوانين المسخرة ، عندما يكون لأحد الأطراف منطلقاته و قنوات تصريفها قد تآكلت و أصابها الصدأ نتيجة رداءة و تلوث أبنيته العقلية ، و أنسقته المنطقية ، ففي هذه الحالة يتحول الإختلاف إلى نقمة ، بدلا أن يكون رحمة مهداة الى سبل السلام و البعايش٠
الذي يخالفنا في القناعات و التوجهات يجب أن نفسح له المجال للتعبير عن رأيه و فكره بكل حرية ، لا أن نقمعه و نهمشه ، فإذا إستطاع أن يجد له آذانا صاغية ، و عقولا راضية، فيجب أن نتهم أنفسنا بالتقصير في تبليغ و إيصال ما دينا من فكر و آراء ، و أن نعيد النظر في آليات تفكيرنا و إقناعنا ، و أن نسعى الى مقارعة الحجة بالحجة ، من غير أن نثير الزوابع و زرع حالة من التشويش و الفوضى ، لأن السعي الى إقصاء الطرف المخالف ، هو إقصاء لنا وحكم بالإعدام و الإنقراض ، لأن قيمة وجودنا و حقيقة معتقداتنا و مصداقيتها ، يفرض علينا وجود النقيض الذي به نبصر عيوبنا و نقصنا ، فنسعى الى تصحيحها ، و عدم تركها للمراكمة ، إذ الوعي بالذات هو إكتشاف في نفس الوقت لقيمة و أهمية الآخر بالنسبة لهذه الذات ٠
ولهذا فقد أصبحنا مدعوين ، أكثر من ذي قبل ، الى المشاركة الفعلية في صياغة خطة عمل للخروج من هذه الإحباطات و الإكراهات ، و ذلك بمد الجسور بيننا ، و إدارة الإختلاف ، الذي هو حق مشروع ، بشكل حضاري ، و توسيع هذه الكوة ، حتى ننعم بضوء أكبر ، و نتنسم هواء أكثر ؛ ولهذا أيها الأحبة الأفاضل ،  لنتشارك جميعا ، كتابة ، و نقاشا ، وتحليلا ، و نقدا من أجل الوصول الى خطة عمل ، وخارطة طريق ، لفك هذا الحصار المضروب علينا ، و الذي أنزلناه بنا بما قدمت أيدينا ، و عملت أرجلنا ، فقط طلبي الوحيد و الأخير : العقلانية و الموضوعية و النزاهة لمن أراد المشاركة ، فهل من مجيب ؟ و هل من مبادر ؟ إنا منتظرون ؟ فسلام الى حين !؟ ٠