الأحد، 1 سبتمبر 2013

النخبة والإرهاب الفكري

النخبة هي منتج الفكر والمعرفة للمجتمع، لكن هناك بعض النخب تميع الحقيقة وتمارس ارهاباً فكرياً لتفرض رؤيتها.
النخبة تقود الرأي العام وتؤثر فيه وتشكل اتجاهات الرأي العام وتوجهات المجتمع، وتمارس نفوذا بفضل مواهبها الفعلية أو الخاصة المفترضة.
ويفترض في هذه النخبة أن تتولى مسألة حماية الحريات والحقوق العامة والتصدي للفساد في الدولة ومؤسساتها وتسعى دوما لتكون في مقدمة المطالبين والمنفذين لتطبيق القانون ورفض كل أشكال التمييز المناقض للعدالة، ورفض التعاطي بمعايير مزدوجة في القضايا الوطنية وقضايا المجتمع المتعلقة بحقه كمصدر للسلطات أو حقوقه العامة كما تدفع باتجاه ترسيخ ثقافة تأدية الواجب الوطني، وتواجه النخبة كل محاولات الارهاب الفكري من أي جهة كانت.
ولكن واقع النخبة في أغلب الدول العربية ومنها الكويت يعاني أولا من التباس في حقيقة تجسد المصطلح وفي حقيقة الممارسة وفق ما يجب أن تكون عليه النخبة، خاصة في ما يتعلق بمسألة الارهاب الفكري كونها المعنية كنخبة في إنتاج المعرفة والأفكار وتسريتها لكافة أفراد المجتمع.
فهناك اصطفاف حقيقي للنخبة قائم على أساس مذهبي وقبلي وعنصري، تتعامل فيه هذه النخب وفق ازدواجية معايير فاضحة، بل تمارس بنفسها عملية الإرهاب الفكري من خلال قمع كل أشكال الاختلاف في الرأي ومحاولة فرض وجهة نظر واحدة وموجهة وفق ما تقتضيه مصلحتها السياسية خاصة.
بل تعمد بعض النخب لتمييع الحقيقة وخلط أوراقها بالزيف فقط لتمارس إرهابا في بسط نفوذها العقلي وفق رؤيتها الخاصة، ومبدؤها: من لم يكن معي فهو ضدي.
وغالبا ما تنتقض هذه النخب عملية ازدواج المعايير التي تمارسها نخب من فئات أخرى، إلا أنها واقعا تلجأ هي للممارسة نفسها في ازدواجية المعايير إما تحت ضغط إرهاب الجماهير أو ضغط إرهاب النخب التي تدخل في خصومات سياسية تتطلب منها مواقف غير مبدئية وإنما سياسية يدور قطب رحاها حول المصلحة لا المبدأ.
وبعض هذه النخب تصبح هي أداة للإرهاب الفكري في يد الدولة أو الرموز، وبدل أن تكون النخبة أداة بناء ووعي واستقامة تقود الجماهير نحو التقدم، تتحول لمعول هدم وتجهيل وقمع فكري تشرف بنفسها على رسم خارطة قناعات الجمهور بما يتناسب ومصلحتها، بل يصبح الجمهور هو من يفرض رؤيته عليها وتخضع هي لذلك.
وتتجلى ممارسات الارهاب الفكري للنخبة في رفض التعدديات الفكرية والعقدية وفرض وجهة فكرية أحادية خاضعة لعوامل التغيرات السياسية التي تنبني في تفاعلاتها مع الراهن على أساس مذهبي وقبلي وليس على أساس مبدئي.
وبعد كل هذا الارهاب الفكري لكثير من النخب، هل يمكن أن نطلق على هؤلاء مصطلح «النخبة»؟ أم أنهم واقعا هم «نكبة» على عقل الأمة؟