الأحد، 1 سبتمبر 2013

المؤسسة الدينية والغرق في وحل الإرهاب

المؤسسة الدينية الصرح الأكثر تأثيرا في عوالم الإنسان كافة، وفي تحريك تلك العوالم، خصوصاً في عالمي السياسة والاجتماع، لما للدين من أثر سحري يتناغم مع فطرة الإنسان التي جبل عليها، ونزوعه دوما نحو جهة متعالية تهيمن فيطيعها ويتبع.

وبحجم أهميتها القصوى ونفعها تكمن أيضا خطورتها، إذ يطالعنا التاريخ بحكايات وقصص دموية كانت رايتها الدفاع عن الدين والعقيدة، قادها رموز منتمون إلى المؤسسة الدينية بسلاح الفتوى، حيث تحالفت الفتوى مع المال والنفوذ ضد آدمية الإنسان.
ويطالعنا أيضاً التاريخ نفسه بجهة مشرقة للمؤسسة الدينية لعب علماؤها دورا بارزا في الارتقاء بآدمية الإنسان لتكون العلاقة بين الإنسان والدين علاقة تبادلية، فكلاهما يخدم الآخر وينفعه ويحرسه طالما وظف الدين لمصلحة الناس وليس لمصلحة المؤسسة الدينية وعلمائها.
واليوم نعيش الصراع نفسه بين جبهتين في المؤسسة الدينية، جبهة توغلت في الإرهاب وسخرت فتاواها لدعمه وترسيخه، سواء كان فكريا تعدديا أو سياسيا تداخل فيه العقدي مع السياسي تداخلا سلبيا جالبا للتكفير والقتل وانتهاك آدمية الإنسان والنداء «الله أكبر» وبدعم من زعامات دينية بفتاوى باتت تباع في سوق نخاسة الارهاب.
إضافة الى ممارسة من تمترسوا بدراسة الدين وحولوا أنفسهم من علماء مؤتمنين وظيفتهم هداية الناس وحفظ كراماتهم والدعوة بالتي هي أحسن من دون أن يجعلوا من أنفسهم ميزانا ومرجعا معياريا لأحد، إلى إله يحاسب البشر ويصنف الناس بين الجنة والنار، ويقمع كل محاولات التعدد الفكري وحرية التفكير والتعبير بحجة الدفاع عن الدين والعقيدة، متناسيا أن الظلم أشد فتكا عند الله.
وجبهة ما زالت، رغم كل ما يمارس ضدها من إرهاب الجبهة الأولى دينيا، وإرهاب الدول سياسيا وإعلاميا، تصر على المضي في طريق الاصلاح السياسي ودعم مسيرة التحرر من كل أنواع الاستعباد والارهاب السياسي والعسكري والفكري، وحولت الفتوى الى سلاح بيد الإنسان ولخدمته لا لسلاح على رقبته.
حينما توغل المؤسسة الدينية في الارهاب وتلطخ عمامتها بدماء الناس وتتورط في تلويث سمعة الشرفاء، فعلينا تقع مسؤولية مواجهتها ورفع شرعية المقبولية عنها، ونزع كل هالات القداسة عن منتسبيها الذين انحرفوا، بل نزع تلك العمامات كي لا تلوث بوحل أصحابها.
فالمؤسسة الدينية مرجعية للإنسان فقط حينما تكون هي مدركة لآدميته وحفظ كرامته وفق مقاصد السماء لا مقاصد الأرض، وتؤمن بحقه أن يختار وإن خالف اختياره ما تريد وأن يقول «لا» حتى لها.